صحيفة الدستور :
أولاً : الملف البيئي لمحافظة الزرقاء
السبت, 29 يوليو, 2006 نشرت صحيفة الدستور تحقيقا ميدانيا متكاملا حول الواقع
البيئي في محافظة الزرقاء نعيد نشره كاملا هنا للأهمية والتوثيق :
تشكل أمراض الجهاز التنفسي والقصبات الهوائية وتحسس العيون اكثر الأوبئة انتشارا
في محافظة الزرقاء نتيجة لارتفاع معدل التلوث البيئي الذي حول الزرقاء الىمدينة طاردة للسكان، حيث تشير المسوحات الميدانية لدائرةالاحصاءات العامة التي تم
أجراؤها عام 2005 الى انخفاض عدد سكان المحافظة نحو 100 الف نسمة
منذ عام 1996.
وتشير أرقام غرفة صناعة الزرقاء الى ان أهم المنشآت الصناعية
المنتشرة في المحافظة هي مصفاة البترول الأردنية ومحطة الحسين الحرارية
ومناجم الفوسفات ونحو 400 مصنع تنتشر في المحافظة والمناطق المجاورة لها بالاضافة
الى محطة تنقية الخربة السمراء ومكب النفايات واختراق سيل الزرقاء
دون سقف بما يحمله من مياه عادمة وملوثة في خاصرة المدينة بشكل كامل.
ويصف رئيس
نقابة العاملين في البتروكيماويات خالد الزيود لواء الهاشمية بالمنطقة
"الساخنة بيئيا" على مستوى العالم لتجاوز نسبة التلوث فيه كافة المعايير الدولية
والمحلية بسبب إحاطة المنشآت الملوثة كمصفاة البترول ومحطة الحسين الحرارية
ومحطة تنقية الخربة السمراء به "إحاطة السوار بالمعصم لتشكل ثالوثا بيئيا مرعبا"
حيث تنفث هذه المنشآت اكثر من 35 طنا من الغازات السامة في أجواء
اللواء.
ويعتبر محمد صالح / مواطن "مصفاة البترول" المسبب الرئيس للتلوث البيئي في
اللواء "بسبب نوعية الوقود المحترق فيها بالاضافة الى عدم التزامها
بتعهداتها التي مضى على أولها اكثر من 18 عاما وهي تركيب وحدة استخلاص الكبريت.
اما
عن محطة الحسين الحرارية فيقول محمود العقلة ان انخفاض
ارتفاعات مداخنها واستعمالها للوقود الثقيل هما أهم أسباب تلوث اللواء، مضيفا: نحن
بانتظار الانتهاء من مكنكة محطة تنقية الخربة السمراء والتي وعد
المسؤولون ان تكون ضمن مواصفات لا تسمح لها بتلويث الهواء او الماء او التربة.
ويشير مدير موقع محطة الحسين الحرارية المهندس صافي العالي الى ان
المحطة قامت بإعداد الدراسات من اجل تحويل 60 بالمائة من عمل المحطة على الغاز من
خلال ربط المحطة على خط الغاز المصري الذي سيعمل على تقليل
نسبة التلوث المنبعث من المحطة وذلك لاحتواء الغاز على نسبة اقل من الكربون مقارنة
مع النسب المرتفعة في الافيون المستخدم حاليا في المحطة.
وتشيرإحصائيت الى ان معظم مراجعي المركز الصحي الأولي في الهاشمية يعانون من مشاكل في
القصبات الهوائية او تحسس جلدي او في العيون. فام علي (47) عاما
تقول أنها ليست الوحيدة التي تعاني من الربو بين أفراد أسرتها، فهناك حفيدها الذي
لم يتجاوز السادسة وزوجة ابنها إضافةإلى معظم أطفال المنطقة، وترجع السبب
في ذلك إلى الغازات المنبعثة من المصفاة ومحطة الحسين الحرارية.
أما ام مالك فتعاني
من تحسس جلدي وتقشر في منطقة الوجه واليدين وحساسية في العيون،
وتقول ان تشخيص جميع الأطباء الذين راجعتهم ارجعوا السبب الى الوضع البيئي في
المنطقة.
مدير صحة محافظة الزرقاء الدكتور ضيف الله الدغمي كان له
رأي مغاير حيث بين ان الدراسات التي أجرتها صحة البيئة تؤكد ان المشكلة تكمن في
ارتفاع تركيز الاغبرة وهي ذات مصدر طبيعي (التصحر)، مبينا ان
الدراسة ذاتها أوصت بتشجير المنطقة وتخضيرها وإيقاف التصحر.
كما أكد الدغمي ان
الدراسة بينت ان المصدر الرئيسي الملوث لغاز ثاني اكسيد الكبريت هو
محطة الحسين الحرارية ثم مصفاة البترول وأوصت بخفض معدلات انبعاث هذا الغاز.وتؤكد
دراسة للجمعية العلمية الملكية استغرقت عاما وأنجزت عام 1995 ان
المنطقة ملوثة بمعدلات مرتفعة من غازي ثاني اكسيد الكبريت وكبريتيد الهيدروجين
اللذين يتجاوز وجودهما المواصفات الصحية الدولية في بيئة مصفاة البترول
ومحطة الحسين الحرارية ومحطة تنقية الخربة السمراء.
أما عن لواء الرصيفة واهم
مشاكله فيقول رئيس مؤسسة أعمار الرصيفة عثمان عبيد ان دخول شركة
مناجم الفوسفات الرصيفة عام 1934 حول المدينة من جنة خضراء الى واقع مرير بحيث لم
تعد ترى شجرتين متلاصقتين في المدينة، مشيرا الى ان قانون التعدين
العالمي يجبر أي شركة تعدين على إزالة كافة مخلفاتها بعد خروجها من موقع التعدين
واعادة المكان الى ما كان عليه قبل دخولها الا ان الشركة لم تلتزم بشيء،
مؤكدا ان الحديث عن تشجير المنطقة واعادة تأهيلها ما زال شعارا للاجتماعات العامة
كأحد الحلول الا ان المواطن لم ير منه حتى اليوم ولو شجرة.
كما يحمل عبيد
مكب النفايات كسبب لتلوث الرصيفة التي يصفها "بالموبوءة" ويقول: لغاية اليوم تلقي
أمانة عمان والبلديات المجاورة في المكب ما بين 60 – 80 طن نفايات
يوميا مع ان المكب اغلق بداية عام 2004، مشيرا الى ان واقع المكب مرير ولم يتم
استصلاحه.
أما لواء القصبة فيعد السيل أهم أسباب التلوث به بحسب فايز
السلوق/ مواطن، كما يؤثر السيل في الرصيفة فهو يؤثر في القصبة: روائح كريهة وانتشار
كبير للحشرات والقوارض التي تخرج منه ليلا لتقض مضاجع الأهالي،
حيث لم يعد المواطن آمنا في بيته ويستشهد السلوق بحادثة قضم أذن طفل في الرابعة من
عمره قبل عام من جرذان تهجع نهارا وتتمرد ليلا في منازل الأهالي.
وفي
إجراء اعتبره المواطنون رياديا قامت غرفة صناعة الزرقاء بدراسة الجدوى الفنية
والاقتصادية لاقامة محطة مركزية لمعالجة الفضلات والمخلفات الصناعية
للتخفيف من التلوث البيئي في الزرقاء، حيث أجرت مسحا ميدانيا للصناعات في المحافظة
لتحديد كميات واحمال المياه العادمة الخارجة من الصناعات المتواجدة
ضمن منطقة المسح حيث تبين ان معظم المياه العادمة ناتجة عن صناعات غذائية.
اما
بخصوص الإجراءات التي اتخذتها وزارة البيئة فاكد مدير البيئة المهندس
عبدالمجيد خابور ان المديرية قامت وبالتعاون مع القوات المسلحة بإعادة تأهيل جزء من
منطقة الفوسفات وتم الاتصال مع (USAID) لتوفير التمويل لوضع خطة
لاعادة تهيئة موقع تلال الفوسفات حيث تم تخصيص مبلغ 500 الف دولار أمريكي لهذه
الغاية.
وعن لواء الهاشمية بين خابور ان الوزارة تقوم بمراقبة
التلوث الناتج عن مصفاة البترول والمحطة الحرارية والخربة السمراء من خلال المشروع
الوطني لمراقبة نوعية الهواء وبكلفة سنوية تقدر بـ 40 الف ديناربالاضافة الى بلورة مشروع بالتعاون مع المصفاة لاقامة مشاريع تهدف الى خفض نسبة
الكبريت في الديزل وزيادة انتاج البنزين الخالي من الرصاص مشيرا الى
ان هذا المشروع قيد الدراسة.
اما عن مشروع تركيب وحدة استخلاص الكبريت والتي اكدت
مصادر مطلعة ان تكلفتها تتجاوز 8 ملايين دينار فقال خابور: تم
الطلب من مصفاة البترول رفع مشروع لتركيب هذه الوحدة الى وزارة البيئة التي بدورها
رفعته لوزارة التخطيط.
اما عن سيل الزرقاء فتقوم المديرية بحسب
مديرية البيئة بمراقبة كافة مصادر التلوث على السيل وتتخذ الإجراءات اللازمة بحق
المخالفين بالاضافة الى تنظيم عدة حملات لتنظيف مجرى السيل مؤكدا انه تم
تشكيل لجنة وزارية تتكون من وزارة البيئة والمياه والري والزراعة لدراسة موضوع سقف
السيل وتم رفع توصياتها لمجلس الوزراء لاتخاذ قرار بشأنها.
|